يابانوفيل، عندما كنت يابانياً

غير ياباني في اليابان!

فقط مايقارب ٢٪ من إجمالي سكان اليابان البالغ ١٣٠ مليونًا هم من غير اليابانيين. ولهذا يعتبرون اقليات ليس من السهل التعاطف معهم ربما من معظم اليابانيين الذين ليس لديهم الخبرة الكافية في التعامل مع الأجانب. لذلك هؤلاء الأجانب يتعرضون للتمييز فقط بسبب “كونهم غير يابانيين”. بالإضافة إلى أن الياباني عندما يعرف جنسية أحد هؤلاء الأجانب، يبدأ بالتعامل مع معهم بناء على الصورة النمطية التي يحملها عن بلدهم. فعلى سبيل المثال، عندما يتقدم شخص من أحد الدول العربية، فتأكد أن الصورة النمطية التي بداخل عقلية الياباني هي التي صنعتها أفلام هوليوود عنها. إلا ما شاء الله أن يتم استثنائك. ولهذا، طوال إقامتي في اليابان على مدار أكثر من 10 سنوات، كان عملية الانتقال من مكان إقامة (شقة) إلى أخرى أشبه بالكابوس الذي لا أريده أن يحدث لي. هذا ليس فقط بسبب الجُهد المبذول لنقل الأغراض لمحل سكنى الجديد والذي يعتبر تحدي صعب بحد ذاته، ولا بسبب صغر مساحة السكن في اليابان!. فهذان الأمران لم أعتبرهُم شيئاً مُقارنة بالأسباب الأخرى كطول مُدة الانتظار للحصول على محل سكن بالإضافة للعُنصرية والتمييز التي قد تتعرض لها أثناء محاولتك الحصول على سكن مناسب. فعندما تذهب إلى مكتب تأجير عقارات باليابان فمن المألوف أن تجد لوحة كبيرة تتوسط واجهة المكتب مكتوب عليها “لا يوجد تأجير شقة للأجانب!” وهُنا للوهلة الأولى تتذكر الكلمة العنصرية التي يطلقها الياباني على الأجنبي “قاي جين” والتي سبق وأن حدثتكُم عنها في فقرة سابقة. ولو كُنت محظوظاً وصادفت صاحب مكتب لطيف نوعاً ما فلن تجده يضع هذه اللوحة، ولكنه يطلعك على أماكن السكن المتاحة للإيجار لديه وبعد أن يأخذ معلوماتك ووسيلة للتواصل معك سيُخبرك أنه سيُرسل طلبك لمالك العقار وسوف ينتظر الرد منهُم.  والرد يكون في أغلب الأحيان بالرفض بسبب أن مالك العقار لا يريد تأجير محل السكن لأجنبي! وسيقولها لك صريحاً، وإلا كيف لي أن أعرف وأخبركم بها! هذا الموقف حدث معي شخصياً عندما أردت الإنتقال إلى داخل مدينة طوكيو عام ٢٠١٨م. حيث تم رفضي أكثر من مرة ومن أكثر من مكان داخل مدينة طوكيو وقد تطلب الأمر مني 9 أشهر كاملة بدون مُبالغة حتى أستطيع إيجاد محل إقامة جديد. وبالتأكيد ليست جميع أسباب رفضي كانت بسبب العُنصرية والتمييز كوّني “أجنبي”، ولكن كانت هُناك أسباب أخرى لذلك كوّني “طالب” أحياناً ولأنني “كبير بالسن!” أحياناً أخرى، ولكن السبب العُنصري كوّني أجنبي كان حاضراً و واضحاً جداً في جميع الحالات. وبشكل عام نصيحتي لكُم إذا سافرتُم لليابان ألا تبحثوا عن محل سكن داخل مدينة طوكيو. إذا كان هذا مُناسباً لكُم. ويُفضل البحث خارجها حيث يُمكن اختصار فترة الإنتظار إلى شهر أو شهرين في أقصى الأحوال. على كل حال، على اليابانيين أن يفهموا أن هناك عدد ليس بالقليل مصاب باليابانوفيليا ويحبون اليابان بدون أي مكافأة، وكأنهم يرمون بأجسادهم للدفاع عن اليابان فإذا لم يتم الاعتراف بهم وقيمتهم في المجتمع الياباني ستواجه اليابان مشكلة في سد نقص العمالة في اليابان بعمالة أجنبية بمجرد انخفاض عدد السكان اليابانيين بشكل أكبر مما هو عليه الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *