يابانوفيل، عندما كنت يابانياً

ساكاموتو ريوما 坂本龍馬

ساكاموتو ريوما

أعترف أني أعجبت وتأثرت جداً بأحد أهم الشخصيات اليابانية عبر التاريخ والتي اكتسبت شعبية كبيرة ودائمة لدى اليابانيين. وهو الساموراي ساكاموتو ريوما (١٨٣٥م) الذي ينتمي لعائلة ساموراي متدنية الرتبة. كان ساكاموتو ريوما ذو شخصية قوية ذات اعتقادات راسخة بعد أن كان طفلاً يُتَنَمَّر عليه في صغره. ولكن بسبب تشجيع ودعم أخته الكبرى أوتومي تغيرت شخصيته وانقلبت بشكل يدعو للفخر، فأصبح صاحب موقف ولا يهمه اختلاف رأيه حتى بالنسبة للساموراي الذين لديهم قوة وسلطة أعلى منه. فكان يقول رأية ويعبر عن معتقداته بكل قوة وفخر. نظرة واسعة للعالم “世界という広い視野”، طموح عالي “志高く”، عدم تقليد الآخرين “他人の真似しない”، العمل خلف الكواليس، قدرة ساحقة على التصرف “行動力”، كل هذه صفات من أهم الصفات التي اتصف بها  ساكاموتو ريوما. بالإضافة إلى طوله الذي كان يزيد عن ١٧٠ سم، والذي يعتبر طويلاً مقارنة باليابانيين في تلك الحقبة، وقوته في القتال حيث تعلم ريوما فنون استخدام السيف الياباني والمبارزة في مدينة ايدو وهي طوكيو في وقتنا الحالي حتى قيل أنه حصل على ترخيص لتعليم فنون القتال والمبارزة واستخدام السيف في نفس المكان الذي تعلم هو فيه. كل هذه جعلت من شخصية ساكاموتو ريوما  تحتل المرتبة الثالثة بعد توكوغاوا إياسو و أودا نوبوناغا كأحد أهم الشخصيات اليابانية المؤثرة على مر التاريخ الياباني. ولعل أحد أهم هذه الأسباب التي جعلت منه شخصية مشهورة ومحبوبة، هي حياته القصيرة. فقد تعرض ريوما لهجوم من قبل مجهولين في حانة في مدينة كيوتو كان قد اعتاد الجلوس فيها مع أصدقائه المقربين وتم اغتياله وهو في عمر ٣١ سنة فقط. كما ذكرت لكم أن من أهم صفات ساكاموتو ريوما هي العمل خلف الكواليس، وهي فعلاً كذلك. كان ريوما هو المخطط الرئيسي والوسيط لتحالف ساتشو “薩長同盟” في عام ١٨٦٦م، الذي يعتبر من أهم إنجازاته في حياته القصيرة. تحالف ساتشو هو دمج واختصار لأسماء اثنين من أكثر المناطق الإقطاعية تأثيراً في العالم السياسي في اليابان في نهاية فترة ايدو. وهي مقاطعة ساتسوما ومقاطعة تشوشو اللتان كانتا على خلاف في البداية، إلا أن صفة ريوما (قدرة ساحقة على التصرف) كانت سبباً في اقناع الطرفين على التحالف لمستقبل اليابان كما كان يراه ريوما.

وهنا اسمحوا لي بأن أتطرق للعلاقة بين ساكاموتو ريوما وبين مؤسس مجموعة سوفت بانك اليابانية السيد ماسايوشي سون. السيد ماسايوشي سون يعتبر من أكبر المعجبين بشخصية ساكاموتو ريوما لدرجة أنه يضع تمثال برونزي لساكاموتو ريوما بحجمه الطبيعي في مكتبه الخاص في مقر المجموعة في مدينة طوكيو. وقد أعلن عن هذا الإعجاب في مرات كثيرة حتى أن أحد أشهر مقولات ساكاموتو ريوما مكتوبه في موقع التوظيف الإلكتروني الخاص بشركة سوفت بنك كرسالة يوجهها ماسايوشي للموظفين الجديد الذي يفكرون أو يرغبون بفرصة وظيفية في شركته العملاقة. هذه المقولة هي: للحصول على حياة في هذا العالم، يجب أن تقوم بأشياء “世に生を得るは事を成すにあり”. ويقول ماسايوشي عن إعجابه بساكاموتو ريوما، أن صندوق رؤية سوفت بنك الذي يربط بين حكومة المملكة العربية السعودية وبين الولايات المتحدة الأمريكية هو تماماً مثل تحالف ساتشو بالنسبة له. حيث أنه استخدم قدرته الساحقة على التصرف في أن يعمل تحالف بين أقوى اقتصادات العالم (المملكة العربية السعودية وأمريكا) للإستثمار في المجالات التقنية والتي تصب في صالح الإنسان على وجه الأرض في نهاية المطاف.

ساكاموتو ريوما وماسايوشي سون كلاهما يحمل منظور واسع وعزيمة واصرار بشكل مستميت للإنفتاح على العالم. من أشهر مقولات ساكاموتو ريوما، “لا حياة من دون طموح” 志なくして人生なし”. وقد قال كذلك “هل نعرف لماذا يعيش البشر؟” وقد نقلت عنه بلغة يابانية قديمة人間はなんのために生きちょるか知っちょるか. يعتبر ساكاموتو ريوما بطلاً يابانياً استفاد العديد من الكتاب والمؤلفين والمخرجين اليابانيين من قصة حياته، فكان موضوعاً للعديد من الروايات والأفلام والمسلسلات التلفزيونية. ومن أشهر الروايات هي “ريوما في طريقة” 竜馬がゆく. بالإضافة إلى مسلسل تلفزيوني انتجتة إذاعة ان اتش كي NHK اليابانية في عام ٢٠١٠م بعنوان “اسطورة ريوما” “龍馬伝”.

كنت أتمنى لو عاش ساكاموتو ريوما أكثر حتى أعرف كيف سعى لتحقيق حلمه في بناء وصنع سفينة حربية سوداء كبيرة مثل تلك السفن السوداء التي شاهدها في مدينة ايدو تحت قيادة الجنرال الأمريكي بيري والتي قدم بها لليابان لاجبار اليابان على الإنفتاح للعالم بعد النغلاق واندهش منها ورسخت في عقلة القوة الصناعية والتقنية التي يملكها الأمريكان ولا تستطيع اليابان مجاراتها بسيوف الساموراي، ولكن لابد أن نفتح اليابان ونرى العالم ونصبح أقوياء مثله.